مرّت ثلاث سنوات عجاف، ما إن يجفّ الدمع فيها لفراق حبيبٍ حتى ينسكب ثانيةً لغياب آخر. خمس وفيات في تلك المدة لإخوة بَرَرة، كانوا الأصدقاء والرفاق منذ أن وعيتُ الدنيا، رثيتُ أربعةً منهم، وها أنا ذا أرثي الخامس، حابساً دمعتي حتى أنتهي من تسطير ما في خاطري.
أخي الحبيب محمد.. السلام عليك ورحمة الله وبركاته، وبعد فلقد تركتنا في دار الفناء… فإلى دار البقاء، لتكون، بإذن الله، مع الأنبياء، ومن سبق ممن تحب. فهنيئًا لك.
نحن لسنا من يمتطي ظهور الآخرين لنبلغ مقاصدنا. نحن من شاركناك معلوماتنا التي منعت هجمات إرهابية قاتلة على أميركا. نحن المبادرون إلى عقد الاجتماعات التي أدت إلى تكوين التحالف، الذي يقاتل فاحش (داعش). ونحن من ندرب وندعم السوريين الأحرار، الذين يقاتلون الإرهابي الأكبر، بشار الأسد،...
إنها ضربة معلم لأنها جمعت أكبر تحالف لمكافحة الإرهاب، وهي كذلك لأنها أتت من ذاتنا وإيماننا وأخلاقنا وسلوكنا، وهي أيضًا كذلك لأنها خالصة لوجه الله، لا حزبية فيها ولا طائفية.
بأفول نجوم سمائي جفَّ الدمع في محاجري.. وهذا نجم آخر في سمائي يأفلُ.. أرفع عينَيَّ إلى السماء، أجدُها تسكب ماءها، علّها تغسل حزني، وتبرد لظى حرقة الأسى ولوعة الفراق.. يا لقسوة فراقك يا رفيق صباي وصديق عمري، بندر..
من البشر أناس ميزهم الله بسمة الديمومة، تحسبهم باقين، مثل السحاب، والنجوم، والأوتاد، شاهدتهم أم لم تشاهدهم، فهم هناك مطمئنًا أنك إن رفعت بصرك فسوف ترى السحابة العابرة تمر فوقك، والنجم البارق يضيء سماءك، والجبل الشامخ يفترش مدى نظرك، هكذا كنتَ أنت، أما أنا